( كيف نتعلم ان نقول كلمة ( لا

1

 

 

كلمة ( لا ) هى من اصعب و اثقل الكلمات على اللسان و على النفس البشرية و هذا بالرغم انها اول كلمة ننطق بها و هى اكثر الكلمات تداولا و سهولة على لساننا فى شهور و سنين عمرنا الاولى و السبب يرجع الى سؤء الفهم المتبادل بين الطفل و والديه بسبب قلة خبرة الام و الاب فى فهم سبب بكاء الطفل و تتطور و تكبر خاصية الرفض و المعارضة عند الطفل بكبر عمره و بكثرة اصدار الأوامر من المحيطين به و الاطفال لا يعرفون المجاملات او المساومات مثلنا نحن الكبار و عندما نصدر أمر للاطفال و لا يعجبهم يقولون لنا مباشرة و بدون اية حسابات مسبقة او خوف من عقاب او عواقب و يعبرون مباشرة و يقولون لنا كلمة ( لا ) و برأءة الاطفال و صدقهم تمنعهم من الكذب و من المساومة و عندما تسألهم هل تحب فلان او فلانة ؟ يجيبك الطفل بكل صراحة و عفوية انا لا احب فلان و لا احب فلانة و ربما يكون فلان هذا هو الجد او الجدة او العم او الخالة و فى اغلب الاحيان نعاقب الاطفال على صراحتهم و لكن الصحيح و الصواب هو ان نسألهم لماذا لا تحب جدك او جدتك و نتحدث معهم و نعالج المشكلة بطريقة صحيحة و لا يجب ان نمنع الاطفال من التعبير عن رأيهم و لا يصح ان نقتل فيهم خاصية الاعتراض و التعبير عن ما يضرهم او ما يزعجهم و هذا لا يعنى ان نستجيب لكل اعتراضات الاطفال او نوافق على كل طلباتهم و لكن عندما نسمعهم و نناقش معهم اسباب تمردهم و رفضهم فهذا يمنحنا الفرصة للتقرب منهم اكثر و فهم ما يدور بعقولهم و فى احيانا كثيرة نجد ان الاسباب وراء رفض الاطفال لبعض الاشخاص او لبعض الاطعمة او لبعض الانشطة نجدها اسباباً بسيطة جدا و يمكن تجاوزها بالحوار او بقليل من التغيير و على سبيل المثال عندما يقول الطفل ان لحية جدى تؤلمنى عندما يقبلنى او ان جدتى تضمنى بشدة و تؤلم جسدى او ان عمتى تجبرنى على تناول طعام لا يعجبنى و غيره من الامور التى يمكن معالجتها و لكنى لا استطيع ان اتجاهل ان هناك مشاكل و اشياء اصعب و اعقد يعبر عنها الاطفال بالرفض و المعارضة و ربما تصل هذه المشاكل الى سؤء المعاملة و الاهانة و لكننا و فى كل الحالات لا نستطيع ان نواجهه المشكلة و هذا لأننا نحن الكبار لم نتعلم ان نقول كلمة ( لا ) و لم نتعلم ان نسمعها من الاخريين و هذا لسبب واضح اننا قد ولدنا و تربينا و تعلمنا فى اسرة و بيئة و مجتمع يمنع و يعاقب و يصادر كلمة ( لا ) و كل من يقول كلمة ( لا ) هو خارج عن التقاليد او عن حدود الأدب و عن تعاليم الدين و فى بعض الاحيان يكون كل من يقول كلمة ( لا ) هو خائن للارض و الوطن

 

 

نحن سنعُلم الاطفال و نربيهم و نصنع جيل جديد قادر على الاستمرار فى برائته و شفافيته و بقدر المستطاع نحاول ان لا ننزع منهم خاصيتهم الفطرية فى الحكم على الأمور و فى نفس الوقت نحاول ان نعلمهم الجديد من العلم و التكنولوجيا و الفن و الادب و الموسيقى و الدين ايضاً و كل أمور الحياة و نفعل هذا كله بدون ان نقتل بداخلهم القدرة على التفريق بين الصواب و الخطأ او القدرة على التمييز بين الجيد و الردئ ، و اكبر الجرائم التى نرتكبها فى حق الاطفال هو منعهم من التجربة و عندما تمنع الطفل او الانسان من التجربة فهذا يعنى انك تمنعه من التعُلم و تمنعه من الفشل و من لا يفشل لا ينجح ابداً و الفشل و تكرار المحاولة هو مفتاح النجاح و هو الاصل فى كل حضارة الانسان و اختراعاته المبهرة و نكون حكماء و نترك اطفالنا يخطأوؤن و يجربون و نكون مؤدبين لهم بالحب و المشورة و قليل من الحزم إذا تطلب الأمر و لكن دون عنف او اهانة و نراقبهم من بعيد و نشجعهم و نطلب منهم المزيد و يأتى الدور علينا نحن الكبار ، يجب علينا ان نتعلم الكثير و الكثير حتى نستطيع ان نعُلم الاطفال و من اين نأتئ  بالعلم و المعرفة حتى نربى و نعُلم الاطفال

 

 

 الطرق الصحيحة و السليمة لتعليم و تربية الاطفال موجودة فى وسائل و اماكن كثيرة ، سنجدها على سبيل المثال فى الكتب و نجدها ايضا فى صفحات على الانترنت و بكل لغات العالم و يمكن ايضا ان نسأل المتخصصين بالرعاية النفسية للاطفال و يمكننا ايضا ان نحصل على المساعدة و الارشادات فى التربية السليمة من الجمعيات الاهلية التى تهتم بحقوق الطفل و المرأة ، و لكن كل هذه الطرق و المصادر ليست متوفرة و موجودة امام كل الناس و لكن هناك منبع و مصدر لطريقة تعليم الاطفال و تربيتهم و متاح للجميع و مجانا و موجود داخل بيوتنا و لا نحتاج ان نذهب الى استشارى او الى جمعية اهلية لنتعلم منها ، و مصدر المعرفة هذا هو الاطفال انفسهم ، سنتعلم من الاطفال كيف نتعامل مع الاطفال و بطريقة بسيطة جدا و اساسها ان الاطفال هم نحن الكبار عندما كنا صغار و عندما ننسى اننا كبار و نتذكر طفولتنا و ايامنا الاولى و نجلس على الارض مع الصغار و نتخيل عندما كنا اطفال مع ابائنا و امهاتنا سنجد الكثير و الكثير من العلم و الدروس

 

 

عزيزتى الام عودى بعيد بالذاكرة إلى ايامكِ الاولى فى طفولتكِ و تذكرى كل شئ و حاولى ألا تكررى مع اطفالكِ الاخطاء التى فعلتها امكِ و ابوكى معكى و كل من كان حولك فى طفولتكِ و تذكرى و اسمعى لأطفالكِ و افعلى معهم ما كنتى تحبين و تتمنين ان يفعله والديكى معكى فعندما كنتى صغيرة منعتكِ امكِ من اللعب مع بنت الجيران بسبب ان هناك خلاف بين امكِ و بين امها و لكنكِ و انتى صغيرة و بريئة لم تفهمى سبب منعكِ من اللعب مع صديقتكِ المحبوبة و كنتى تحبين الكل كنتى تحبين امكِ و تحبين ابيكِ و تحبين صديقتكِ و تحبين ام صديقتكِ و تحبين كل الناس و انتى الان كبرتى و اصبحتى ام و لم تنسى صديقة طفولتكِ و حتى الان لم تعرفى لماذا منعتكى امكِ من اللعب مع صديقتكِ و تذكرى ايضا كل فعل سئ و كل عمل مهين فى طفولتكِ ولا تكرريه مع اطفالكِ و الكلام نفسه هو للاب و حتى لا نكرر الكلام فتذكر عزيزى الاب سنين عمرك الاولى و حبك الكبير لوالدك و انتظارك له و سعادتك به عند حضوره الى المنزل بعد يوم عمله و نومك على صدره و حمله لك على كتفيك تذكر كل هذه اللحظات الجميلة و كم كنت سعيدا و فرحا بها و تخيل ان ابنك الان يشعر بنفس السعادة التى كنت تشعر بها عندما كنت صغيرا فى حضن والدك ولا تبخل ولا تقصر الان فى الحب و الحنان مع اولادك و اجلس معهم و استمع لهم و اعطيهم ما اعطاه والدك لك او ما كنت تتمنى ان يعطيه والدك لك عندما كنت صغيرا

 

 

 التعلم من الاطفال هو ابسط و اعظم طريقة ، لأن الاطفال هم نحن عندما كنا صغار ، و عودتنا الى طفولتنا لنتعلم و نكتسب خواص و مهارات تنفعنا فى عالم الكبار هو أمر ليس غريب و يكون طبيعى جدا و متوافق مع البحوث المعملية الحديثة و التى توصلت اخيرا و بعد عصور طويلة من البحث و العمل الشاق الى حقيقة علمية اصيلة و هى ان مفتاح و حل لغز اى مرض او وباء موجود فى العوامل الجينية و الوراثية ، و مولود الانسان كغيره من مواليد الكائنات الحية مولود غير كامل النمو من الناحية الجسدية و النفسية و نستطيع ان نقول ان مولود الانسان هو اقل مواليد الكائنات الحية على الارض اكتمالا ، نرى على سبيل المثال مولود الفيل او الحصان يخرج من بطن امه و يمشى على الارض بعد عدة دقائق و توجد مواليد لكائنات حية على الارض تنتظر اعوام حتى تقدر على التزواج و الصيد و لكن لا يوجد ائ كائن حى على الارض ينتظر ما بين احدى عشر عاما و ستة عشر عاما تقريبا لتكون لديه القدرة على التزواج و الانجاب غير مولود الانسان ، ولا يستطيع مولود الانسان المشى على اقدامه الا قبل عام على الاقل ، و لا يتحدث بكلام مفهوم الا بعد مرور عامين تقريبا و مولود الانسان لا يشعر بالاخطار المحيطة به ولا يقدر حجم خطورة ما يفعله الا بعد بلوغه عامه التاسع تقريبا ، و يظل مولود الانسان فى حاجة دائمة للمساعدة و للمساندة عبر مراحل عمره المختلفه ولا يكتمل نضج الانسان النفسى و العقلى بشكل كامل الا بعد بلوغه السادسة و العشرين من عمره و مع الاخذ فى الاعتبار الظروف البيئية و المجتمعية لكل انسان

 

 

ضعف مولود الانسان نستطيع ان نرجعه ولو بشكل نسبى الى بعض العوامل و اهمها العوامل الوراثية التى عودت مولود الانسان و شكلته ان يكون مخلوق ضعيف من الناحية الجسدية و هناك عامل اخر و هو متوسط عمر الانسان بالمقارنة مع  متوسط اعمار بقية الكائنات الاخرى على الارض ، و لكن العامل الاهم و الاوضح و يعتبر السبب الرئيسى فى سبب ضعف مولود الانسان هو تطوره العقلى و الذهنى و اختلافه النوعى عن بقية كائنات الارض يكمن فى ان الانسان كائن مبدع و خلاق ، و على الرغم من ان كل الكائنات الحية بما فيها الانسان تجمعها غريزة واحدة و هى الصراع من اجل البقاء الا ان الانسان قد تمييز بخواص و مميزات اخرى كثيرة غير باقى الكائنات الحية و هذه الخواص او الصفات الانسانية إذا صح التعبير ليست دائما بالضرورة جيدة و لكن نجد ان الانسان و القطط المنزلية الاليفة الوحيدين على الارض هم فقط من  يقتلون لاجل متعة القتل و هذا بالاضافة ان الانسان و القطط يقتلون ايضا من اجل الطعام و من اجل الدفاع عن النفس ، و من ناحية اخرى نجد ان  بقية الكائنات الحية على الارض تقتل فقط من اجل الطعام او من اجل الدفاع عن النفس او عن صغارها

 

 

الصراع من اجل البقاء هو عملية حسابية معقدة جدا بين العقل و بين العضلات ، الصراع من اجل البقاء هو عملية توازن  و تلائم دائم بين الفكر و القوة و ائ اختلال او زيادة من عنصر على حساب العنصر الاخر تكون النتيجة انقراض النوع و اختفائه من وسط الكائنات ، و اكبر مثال على هذا هو انقراض الديناصورات العملاقة و التى اعتمدت فقط على حجم اجسامها و قوة بنيانها ، فى نفس الوقت نرى كائنات صغيرة الحجم جدا مثل النمل او البعوض و البكتيريا تهدم منازل و تنشر الامراض و تقتل ملايين البشر و الهدف من الكلام عن الصراع من اجل البقاء فى موضوع الكلام هو ان لا نستسلم و نسلم لثوابت معينة ، صحيح ان العوامل الوراثية و الطبيعية تفرض كلمتها على الكائن البشرى و لكننا وصلنا الان الى مراحل متقدمة جدا من عمر الانسان على الارض و المولود البشرى و برغم كل تاريخه و ماضيه الدموى المتوحش الا انه فى نفس الوقت وإن صح التعبير قد اكتسب ايضا عوامل وراثية انسانية على مر الازمنة الماضية و هذا يضعنا فى حيرة شديدة و تساؤل ! ماذا تبقى فى مولود الانسان من وحشيته و عنفه القديم عند ولادته اليوم ؟ و نفس السؤال ما هى كمية الخواص و الصفات الانسانية المكتسبة الموروثة فى مولود الانسان عبر ازمان تطوره عند ولادته اليوم ؟ و كيف السبيل لنعرف الفرق بين الموروث البدائى الاول و الموروث المكتسب عبر مراحل التطور الطويلة ؟ و كلاهما حصل فى ازمنة تطور الكائن البشرى ، الحقيقة ان موضوع مثل هذا يشغل فكر و عقل العلماء فى كل المجالات و عملية التوازن بين العقل و العضلات هى محور البحث و نذكر مثال فى تربية و ترويض الحيوانات المفترسة فى المنازل مثل الاسود و النمور و نجد ان هذه الحيوانات و بعد ان تعودت على العيش مع الانسان تفقد قدرتها على الصيد ولا تستطيع ان تعيش مع امثالها فى بيئتها الطبيعية و لكن فى نفس الوقت و برغم اننا احتضنا هذه الحيوانات عندما كانت رضيعة و اصبحت مثل اولادنا الا ان بعض هذه الحيوانات تهاجهم اصحابها و تقتلها و بدون اسباب منطقية و هى بالطبع الغريزة و العامل الوراثى فى الكائن الحى

 

 

يوجد لدينا الآن محورين اساسيين فى طبيعة مولود الانسان ، المحور الاول هو الغريزة الاولى الموروثة و ما تبقى عند الانسان من جدوده الأوليين المتوحشين ، المحور الثانى هو ما يوجد فى مولود الانسان من غرائز و عوامل وراثية مكتسبة عبر ازمنة تطوره البشرى ، و حتى نستطيع فهم النفس البشرية او على الأقل حتى يمكننا ان نتعامل مع الانسان يجب علينا ان نعرف ان الانسان اليوم هو خليط بين الطبيعتين و الحالتين ، الحالة الاولى وهى الحالة المتوحشة الاولى و الحالة الثانية لن اسميها الحالة الانسانية و لكن احب ان اسميها الحالة الابداعية و الخلاقة ، فالطبيعة الابداعية و الذكية للعقل هى العكس تماماً لطبيعة العقل القاتل فالعقل القاتل هو عقل بدائئ متوحش لم يتطور او هو ليس عقل من الاساس و وظيفة العقل هى الخلق و ليس الفناء و القتل فناء و الخلق نماء

 

 

نصل الان الى حقيقة مرعبة و قاسية و هى  ان عقل الانسان اليوم و بعد مئات او ألاف الملايين من سنين التطور التى مر بها مولود الانسان ألا انه لازال يمتلك عقل قاتل ، عقل يقتل لمجرد متعة القتل فقط و ليس للحصول على الطعام او للدفاع عن النفس ، و هل نستطيع بعد التوصل الى هذه الحقيقة ان نصف عقل الانسان بإنه عقل مبدع و خلاق و قد اتفقنا ان العقل المبدع الخلاق لا يقتل لمتعة القتل و اتفقنا ان القتل فناء و تدمير و الفناء و التدمير ليسوا من اعمال التنمية و البناء ، و من ناحية اخرى يمكننا ان نعتبر ان النمر و الدب و الذئب هم كائنات اكثر تطوراً و ابداعاً من الانسان و هذا لسبب واضح ان هذه الكائنات لا تقتل لمتعة القتل و لكنها تقتل فقط من اجل المحافظة على النوع و هذا مشروع و طبيعى

 

 

الحقيقة ان الانسان ليس متطور و ليس مبدع  و ليس خلاق ، الانسان قاتل ، يقتل للتسلية  و للمتعة ، الانسان يمتلك عقل متوحش و دموى ، يدمر و يهدم للمتعة و للاستحواذ و ليس من اجل الحفاظ على النوع ، الانسان يجمع طعام اكثر من حاجته بكثير جدا لدرجة ان الطعام يفسد و لا يعد صالح للاستخدام ، و لكن الكائنات الاخرى تأكل فقط عندما تجوع و لا تجمع و لا تخزن الطعام

 

 

انا ارفض و بشدة كلمة انسان على اعتبار ان وصف الانسانية هو التطور و الابداع و الرحمة و البناء و كل هذه الصفات و الخواص ليست موجودة فى الانسان و لهذا يجب ان ان نعتبر ان كلمة انسان هى اسم و ليست صفة هذا الكائن ، و على سبيل المثال ، هذا النوع من  الكائنات اسمه اسد ، و هذا النوع اسمه حصان ، و هذا النوع اسمه كلب ، و هذا النوع من الكائنات اسمه انسان و ليست صفته انسان ، و نأتى فيما بعد لعملية صفات هذه الكائنات و نقول مثلاً ان الاسد كائن يمشى على اربعة ارجل و له ذيل طويل و هكذا و نشرح الصفات الجينية و الوراثية للاسد ، و نقول ايضاً انه يوجد كائن اسمه الانسان و يمشى على قدمين و نقوم بنفس عملية الوصف و الشرح لصفات كائن الانسان مثله مثل الاسد تماماً و بدون ائ فرق او تمييز و ننسى تماماً المعنى التقليدى لكلمة انسانية المقصود بها ان كلمة انسانية تعنى التطور ، و انا اقترح ان نقدم البرامج التلفزيونية التى تتحدث عن الانسان و عن طبائعه و عن خصاصئه و مشاكله مع البرامج و القنوات المختصة بعالم الحيوان

 

 

التعامل مع الانسان فى يومنا هذا اصبح لغزاً محيراً و امتلآت القنوات الاعلامية بالبرامج المختلفة التى تتحدث عن العلاقات البشرية و كثرت البرامج الدينية التى تتحدث عن التعاملات اليومية بين الناس و بدأنا نبحث عن الكتب و النشرات و نقرأ على صفحات الانترنت فى المواد التى تتحدث عن الخلافات بين الاصدقاء و بين الاقارب و بين زملاء العمل ، و كلما كبرت دائرة حياتنا و اتسعت شبكة علاقاتنا زادت مشاكلنا مع الاخريين ، و نضيع فى بحر كبير من المشاكل و نفقد احباب و اصدقاء لنا و نفقد ايضا وظائفنا و اموالنا بسبب عدم قدرتنا فى التواصل السليم مع الاخريين  ، و عدم فهمنا لطبيعة من نتعامل معهم او لآسباب اخرى كثيرة سنتحدث عنها

 

 

مفتاح التعامل مع الانسان هو ان نصدق و نؤمن انه لا يوجد انسان سيئ بنسبة مائة فى المائة و لا يوجد انسان جيد بنسبة مائة فى المائة و ان كل انسان يجمع الطبيعتين ، الطبيعة المتوحشة القاتلة و المدمرة بدون سبب منطقى  و الطبيعة الابداعية الخلاقة المتطورة ،  سنجد ايضا ان كل انسان يجمع ايضا الخير و الشر و فى نفس و عقل كل انسان سنجد اثاراً او بصمات و كميات كثيرة او قليلة من الخير و الشر و الحب و العنف و الآنانية و حب التملك و الوفاء و الخيانة و الشهامة و قلة المرؤة و غيره من الصفات الكثيرة كلها موجودة فى الانسان عند ولادته و بالطبع فجميع هذه الصفات تقل او تكثر مع العمر و حسب الموروث و البيئة و المجتمع ، عندما نستطيع ان نشاهد البشر و ننظر لهم بهذه النظرة الموضوعية المحايدة سنستطيع وقتها ان نتعامل معهم ببساطة كبيرة و بشفافية عالية ، عندما نتجرد من الاحكام المسبقة على البشر و فى نفس الوقت لا نصدق كل ما نسمعه الا بعد التحقق منه بشكل موضوعى سنرى وقتها كل البشر كتاب مفتوح سهل جدا قراءته و حتى نقترب اكثر من عضم الكلام يجب ان نذكر امثلة من الحياة ، تخيلى مثلا لو ان صديقتكِ اعتذرت لكى عن عدم حضور عيد ميلادكِ و انتى تشعرين انها قد جائت اليكى بعذر غير مقبول و انها تكذب عليكى و ان هناك سبب اخر وراء عدم حضور صديقتكِ لعيد ميلادكِ ، و السؤال الان ما الذى يجب عليكى فعله ؟ و نصيحتى لكى هو انا تفعلى ائ شئ غير الصمت و الكتمان ، و علاقتكِ بصديقتكِ هى التى ستحدد نوع التصرف معها ، فربما تكون صديقتكِ فى مشكلة و لا تستطيع الحضور اليكى ، و ربما لا يكون لديها نقود لتشترى لكى هدية او ان صديقتكِ لا تحب لقاء بعض الاشخاص الموجودين فى حفلة عيد ميلادك ، و من الجائز جداً ان تكون صادقة فى العذر الذى ذكرته لكى ، و انتى الآن حائرة و عقلك و قلبك بدأ فى تكوين احاسيس غير جيدة ناحية صديقتكِ و رغما عنكى و دون ان تشعرى فربما تبدأين فى معاملتها معاملة سيئة و ينتج عن سؤء معاملتكِ لصديقتكِ ان صديقتكِ بدأت تشعر بسؤء معاملتكِ لها و تبدأ هى الاخرى بمعاملتكِ بنفس الطريقة ، و يكبر سؤء الفهم و يتسع الخلاف و يقل الحب و تبتعد المسافات و تنتهى علاقة الصداقة الجميلة و كان يمكن ان نمنع كل هذا بعمل بسيط جدا و هو ان تتحدثى مع صديقتكِ و تحكى لها عن احساسكِ و شعوركِ بإنها تكذب عليكى  ، فربما تؤكد لكى صديقتكِ انها صادقة او تذكر لكى السبب الحقيقى ، و حتى لو استمرت صديقتك فى كذبتها و احسستى انها لازالت تكذب ، فصراحتك معها ستجعلها تفكر مرات كثيرة قبل ان تكذب عليكى مرة اخرى ، و ربما يرى البعض هذه الطريقة فى التعامل او يصفها بالسذاجة و العبط و هذا غير صحيح على الاطلاق فنحن البشر و عندما نشعر بعدم الصدق من الاخريين لا يجب و لا يصح ان نلبس بدلة محقق الشرطة و نطلب من الاخريين اعترافات كاملة و لكن يحق لنا فقط التعبير عن ما يدور فى خاطرنا من افكار و مشاعر و نواجهه بها الاخريين و ننتظر منهم الرد و نسمع و نتوقع الجانبين الكذب و الصدق معا ، و ليست الحقيقة هى هدفنا و غايتنا ، فالحقيقة موجودة فى محاضر الشرطة و النيابة و ساحات المحاكم و لكن غايتنا هى ان نقول للاخريين ما يدور فى داخلنا ، و هذه المرة و عندما تصارح ولو كان الشخص كاذباً فستكون مثل تحذير و جرس انذار له ، و لكن عندما نصمت و نكتم لا يعرف الاخرون بماذا نشعر و بماذا نفكر و ليس هذا فقط فالصمت و الكتمان يكون فى بعض الاحيان دليل على الضعف او على الموافقة ، و السكوت علامة الرضا و هل يا ترى سكوتنا على تصرفات الاخريين التى لا تعجبنا هى دليل على رضانا و قبولنا و سعادتنا بهذه المعاملة المهينة

 

 

من هنا نجد ان حديثنا إلى الاخريين و تساؤلتنا و أسئلتنا أليهم و اعتراضنا على الاخريين و رفضنا لهم احيانا يكون كل هذا ما هو الا وسيلة موضوعية و مشروعة لنقول للاخريين ان معاملتكم لنا لا تعجبنا و تؤذى النفس و تكرب الخاطر ، و كما بدأنا فى المهد و من عمر ساعات بعد الولادة نصرخ و نبكى عندما نشعر بالجوع او بالآلم او بالخوف ليرى و يسمع الوالدين صرخات الطفل و بكائه و حركات جسمه و التى تكون مثل اشارات و رسائل ليفهم منها راعى الطفل حاجته و الآن و نحن كبار لم نختلف كثيراً فى عملية الاشارات و الرسائل التى نرسلها للاخريين من حولنا و مع الاسف و برغم قدرتنا على الكلام فمازلنا نتحدث مع بعضنا البعض بلغة الاطفال الرضع و هى الصراخ و البكاء ، و فى احيان كثيرة نكون مثل الام التى يأست و تعبت و سهرت طوال الليل تسمع صراخ رضيعها و لم تعرف سبب بكائه فتترك الطفل يبكى او تسد أذانها حتى لا تسمع صراخه او تقوم بعملية هز عنيفة للطفل فيزيد الطفل من البكاء ، و علاقات الكبار بعضهم مع البعض هى بالضبط مثل علاقة هذه الام المسكينة مع طفلها الباكى ، و الذى يميزنا نحن الكبار عن عالم الاطفال الرضع و عن بقية الكائنات هو الكلام ، و قد تعلمنا الكلام بشكل جيد جداً و تدربنا عليه من عمر صغير جداً و نسينا طريقة الصراخ و البكاء و بدأنا نطلب من ماما اسقينى انا عطشان ، و تعلمنا نشكوى لبابا بابا اختى ضربتنى ، و تعلمنا و نحن صغار ان نمسك بطوننا عندما تؤلمنا و نقول بطنى تؤلمنى ، او نصرخ بشدة  لو احترقنا بلسعة نار و نقول ائ ائ ، و عندما كنا صغار كنا  نرسم و نلون حياتنا و واقعنا بألوانه الحقيقية من دون خوف او مجاملة او نفاق ، فعندما كان الحب و السعادة فى منزلنا رسمنا طيور خضراء و زهور وردية ، و لما عشنا فى عالم من الصراخ و المشاكل و الشجار الدائم رسمنا اشجاراً سوداء تنزف منها الدماء ، و نحن صغار تطورنا و تعلمنا لغة الكلام على اكمل وجه ، و لماذا الآن و كيف و نحن كبار نعود الى مرحلة ما قبل الطفولة نعود الى مرحلة الرضاعة و الصراخ للتعبير عن مشاعرنا و ارائنا فى الاخريين

 

 

الآن اعود الى الصديقتين و دعوة عيد الميلاد و نكشف عن السبب الحقيقى ، و تأتى الصديقة و تصارح صديقتها و تقول لها انا لا اصدقك و انتى تكذبين عليا و اريد ان اعرف منكى السبب الحقيقى لرفضك دعوتى ، و ترد الصديقة و تخبر صديقتها انها لا ترغب من الآن و صاعداً فى الذهاب الى منزلها و السبب هو ان امكِ لا ترحب بى و تشعرنى دائما اننى ضيف ثقيل و شخص غير مرغوب فيه ، و يكون الحوار او الشجار بين الصديقتين بين الانكار و التأكيد ، و لكن مهما كان حجم الانكار من الصديقة صاحبة الدعوة و مهما كان حجم التأكيد من الصديقة الرافضة للدعوة سنجد ولو بعض الدلائل الموضوعية لموضوع الخلاف ، و مفيش دخان من غير نار ولابد ان هناك مشكلة و خلاف و سؤء فهم من جميع الاطراف و بدل من ان تتحدث الام بلغة الكلام اختارت ان ترسل رسالتها على طريقة الاطفال الرضع و هى طريقة الصراخ و نفس الخطأ وقعت فيه صاحبة دعوة عيد الميلاد فلابد و انها قد سمعت و شاهدت صراخ امها ضد صديقتها و شاهدت ايضا و احست ان صديقتها غير راضية من معاملة الام لها و تكرر الخطأ نفسه مع الصديقة الرافضة للدعوة فبدلاً من ان تتكلم بلغة اللسان اختارت هى ايضا ان تصرخ و تبكى و اخترعت كذبة ساذجة لم تصدقها صديقتها

 

 

يجب علينا ان نكف عن الصراخ و عن البكاء و نعود نتحدث بالكلمات و يجب علينا ان نرسل رسائل و اشارات واضحة و غاية فى الوضوح الى الاخريين ، و نقلل بقدر المستطاع من استخدام لغة الجسد مثل التكشيرات و النظرات و الابتسامات  الزائدة و الغير مبررة و عوجة الفم و رفع الحاجب و مصمصة الشفتين ، و مقولة ان الصمت احياناً يكون افضل من الكلام هى مقولة خاطئة و من قالها انسان ظل طوال عمره فى مرحلة الرضاعة ، و من الاشياء الضارة ايضا الكلام المنقوص او الكلام الغامض او التلميحات او التحدث بطريقة الالغاز ، و على طريقة كل لبيب بالاشارة يفهم و الكلام الجارح يعتبر صراخ غير مفهوم و يحتاج الى معاجم و قواميس حتى نترجمه الى كلام واضح نفهم معناه ، و فى الحقيقة ان طريقة التعامل بين البشر عن طريق الكلمات الواضحة المباشرة و التى لا تحتمل الكلمة فيها اكثر من معنى هى افضل الطرق لتوصيل رسائلنا و مشاعرنا للاخريين و ليس هذا فقط و لكنها تعتبر الطريقة الوحيدة السليمة للاتصال بين الناس و بعضها البعض و الدليل على هذا ان هذه الطريقة البسيطة المباشرة و التى يراها البعض او يصفها بالساذجة هى الطريقة التى يستخدمها المشتغلين فى علم النفس مع عملائهم المحتاجين الى الرعاية و المشورة

 

 

فى الحقيقة موضوع كلامى فى هذه المقالة ليس فى طريقة الحوار بين البشر و لو كنا سنتحدث عن طرق الحوار بين الناس سيختلف الكلام و سندخل فى مواضيع و فروع اخرى من العلوم و لكنى اردت التركيز فى هذه المقالة على نقطة هامة و هى كيف نقيم و نكون علاقة شفافة و صادقة مع الاخر و ما هو السبيل الى ذلك و بالنظر الى كل ما شرحناه سابقا سنرى ان اساس ائ علاقة سليمة هو الصراحة و البوح و ان نتحدث دائما الى الطرف الاخر عن احاسيسنا و مشاعرنا و حتى غضبنا من الاخر ، و الشفافية و الصدق اساسها المعارضة و النقد و كلمة ( لا ) هى المفتاح السحرى و هى محور الحديث كله ، و ائ انسان لا يستطيع ان يقول كلمة ( لا ) فيكون من الافضل له ان يبيع كل ما يملك و يأخذ جميع امواله و يضعها على الرصيف و يتركها و يمشى ، و ليس هذا فقط فكل انسان لا يستطيع ان يقول كلمة (  لا )  يجب عليه ان يعلق يافطة فى رقبته مكتوب عليها انا عبداً للسخرة و يمشى بها ليلاً نهاراً فى الشوارع

 

 

نعم فمن لا يستطيع ان يقول كلمة ( لا ) لا يستحق ان يكون انسان حر و هو بالفعل ليس حر و هو أسير طلبات و أوامر و سخافات و حماقات البشر ، و كلمة ( لا )  ليست مجرد كلمة رفض و تمرد و لكنها ايضاً سؤال و تساؤل و بحث و تطور و كلمة ( لا )  تخرج بك من عالم صغير الى عالم اكبر و تعلمك ما لم تكن تعلمه و كلمة ( لا )  هى كرامتك المفقودة من سنين طويلة و هى بكائك و حزنك العميق وحدك من دون ان يسمعك او يهتم بك احد ، فكلمة ( لا )  اخرجتك من قبرك ، كنت ميتاً و عدت الآن للحياة ، و قبل ان تقول كلمة ( لا )  لم تكن شئ و كنت مجرد جداً جداً و لم يكن يسمع بك احد و الآن اصبحت مشهوراً و اصبحت حديث الجميع و قبل ان تقول كلمة ( لا )  كنت تداس بالاقدام و الآن يحسب لك ألف حساب ، كنت ضعيف و الان قوى ، كنت غبى و الآن ذكى ، كنت فقير و الآن غنى ، كنت صغير و الآن كبير ، و قبل ان تقول كلمة  ( لا )  لم تكن موجودا من الاساس و الآن انت موجود

 

 

مبروك و الف مبروك لولادتك الجديدة ، مبروك و الف مبروك لعودتك الى الحياة ، و كم جميل ان ترى الحياة بهذا الثوب الجميل ، ثوب الحرية ، يا سلام كم جميلة هى الحياة عندما نكون سعداء مع انفسنا ، و ممتعة هى الحياة عندما نكون راضيين عن انفسنا  و رائعة و مشوقة و لذيذة الحياة عندما نحب انفسنا

 

 

 

المثال الاول

 

صديقى العزيز من فضلك اريدك ان تأتى معى لنقل بعض الاشياء من منزلى الى منزل اختى

عفوا صديقى لا استطيع ان اقوم بهذا العمل ظهرى يؤلمنى جدا ولا اقدر على حمل ائ شئ و تكفينى مشقة العمل

 

 

المثال الثانى

 

صديقى العزيز من فضلك ان تأتى معى الى المستشفى لأنى سأذهب و سأقف فى طابور طويل انتظر دورى لعدة ساعات و اريدك ان تأتى معى لنتسلى و نتحدث معاً طوال فترة انتظارى

عفوا صديقى لا استطيع ان احضر معك فسيكون وقتاً مملاً و طويلاً و لماذا لا تذهب معك زوجتك او خطيبتك او اخوك او اختك او ابوك او امك

 

 

المثال الثالث

 

صديقتى العزيزة احمر الشفاه هذا جميل جدا و اعجبنى اعطيه لى من فضلك

لا يا صديقتى انا اسفة

 

 

المثال الثالث

 

جرس التليفون يرن ، اخى العزيز سأحضر اليوم لأتعشى معكم

انا أسف يا اخى لا يمكنك الحضور الليلة إلى منزلى

 

 

المثال الرابع

 

جرس الباب يرن و الجارة العزيزة تريد الجلوس معكى لشرب القهوة

عفواً جارتى العزيزة لا يمكننى استقبالك الآن و ارجوكى فى المرة القادمة ان تحددى موعداً بالتليفون حتى نلتقى

 

 

المثال الخامس

 

أبنى الحبيب لا تنسى موعدنا كل جمعة انت و اسرتك لتناول طعام الغذاء فى منزل الاسرة الكبير

عفواً امى الحبيبة لا استطيع ان انفذ طلبك هذا الاسبوع

 

 

 

المثال السادس

 

امى الحبيبة ارجوكى ان تجلسى مع اطفالى يومين فى الاسبوع

انا أسفة يا ابنتى الحبيبة ، لا استطيع فعل هذا فرعاية الاطفال اصبحت عمل شاق و لا تشعرنى بسعادة كبيرة و انا الآن كبرت فى العمر و لم اعد احتمل صراخ و حماقات الاطفال الصغار

 

 

المثال السابع

 

أبى العزيز من فضلك اعطنى سيارتك لمدة شهر لأن سيارتى عاطلة و أنت طوال الوقت فى المنزل ولا تستخدم سيارتك كثيراً و لو احتجت الى الخروج ارسل إلى و سأقوم انا بتوصيلك و سأعيد لك سيارتك بعد ان اكمل اصلاح سيارتى

انا اسف يا ابنى ، اريد ان تكون سيارتى معى طوال الوقت و لا ارغب فى اعطائها لك ، من فضلك ابحث لك عن حل اخر

 

 

المثال الثامن

 

اختى الحبيبة سأذهب اليوم بعد المدرسة إلى موعد خاص و هام جداً و لو سألتك امى عنى اخبريها ان عندى دروس اضافية و سأحضر متأخرة بعض الوقت

لا انا لا استطيع الكذب على امى و لا ارغب فى تحمل مسؤلية كذبتكِ

 

 

المثال التاسع

 

صديقتى العزيزة إذا تحدث معكى احد من منزلنا وسألك عنى ، اخبريه انى كنت فى منزلكم مساء الجمعة الماضية

انا فى شدة الآسف يا صديقتى العزيزة و لن افعل هذا و ارجوكى الا تفعلى هذا مرة اخرى و تضعينى فى هذا الموقف

 

 

المثال العاشر

 

صديقى العزيز اريد ان احضر غداً لأشاهد المبارة معك فهل هذا ممكن؟

للآسف يا عزيزى لو كنت قد اخبرتنى فى موعد سابق كان ممكناً ، و لكنى قد ارتبطت بدعوة بعض الاصدقاء لمشاهدة المبارة معى غداً

 

 

 

نكتفى الآن بهذا العدد من الامثلة و بالطبع الامثلة كثيرة و من الممكن ان نذكر المئات منها او حتى الالاف  و سنبدأ الان فى قراءة الامثلة بهدوء و عمق ، و نبدأ فى تخيل و تطبيق الامثلة على مواقف حياتنا اليومية ، و نحاول ان نرى انفسنا داخل الحدوتة و داخل كل مثل ، و بشكل اوضح نضع انفسنا و نضع اسماء الاشخاص الاخريين الحقيقين فى حياتنا و حتى تكون الحدوتة و الحكاية كاملة و واضحة يمكن لنا ان نكتب المثال الخاص بنا لو لم نجد ما يناسب احوالنا فى العشرة امثلة التى كتبتها هنا ، و تكون بهذه الطريقة : نأتى الآن بورقة و قلم و نبدأ فى كتابة اسم او اسماء الاشخاص اللذين نرغب فى تعديل و تغيير علاقتنا معهم و مع كل اسم و على سبيل المثال فى ورقة نكتب اسم جارتى فلانة و مع اسم الجارة نكتب المواقف و الافعال المرفوضة التى تقوم بها الجارة فلانة معكى و ستكون بالشكل الآتى

 

المثال

 

جارتى و اسمها 37

افعال الجارة 37 المرفوضة و التى يجب ان اعارضها و اتمرد عليها و اقول لها كلمة ( لا )

 

مواقف و افعال الجارة 37

 

الموقف الاول

تدق باب منزلى و تريد الدخول بدون موعد

 

الموقف الثانى

تعطى اولادى طعاما و حلوى بدون حساب او نظام

 

الموقف الثالث

تسمح لأطفالها و اطفالى عندما يلعبون معاً فى منزلها بمشاهدة برامج تلفزيونية للكبار

 

 

و الآن قدمت مثال كيف نقوم بترتيب و حصر الاشخاص و المواقف المطلوب العمل فيها و هذه تعتبر خطوة هامة جداً و بعد ان نكتب و نسجل كل الملاحظات نبدأ فى القراءة و التأمل فى كل ما كتبناه و نناقش مع انفسنا الوضع الحالى و نتخيل كيف سيكون الوضع بعد ان نقوم بعملية التنفيذ ، و نتخيل النتائج التى ستعود علينا بعد ان تمنعى الجارة من الدق على بابك بدون موعد ، و تتخيلى الوضع الجديد بعد ان تمنعى جارتك من تقديم الطعام و الحلوى لاطفالك بدون تصريح منكى ، و تتخيلى انكى ستحمى اطفالك من مشاهدة برامج التلفزيون المخصصة للكبار ، و بشكل عام سنقوم بحساب الفوائد و المكاسب و ستضعى كل هذه المكاسب فى كفة ميزان و علاقتك مع جارتكِ فى الكفة الاخرى للميزان و تختارى فهل تختارى المكاسب ام تختارى صداقتكِ مع جارتكِ ، و لكن ليس بالضرورة ان تخسرى صداقتكِ مع جارتكِ و هناك احتمال كبير جداً ان تحترم جارتكِ شروطكِ و تقبل بها و لكن ربما يتطلب الأمر بعض الوقت لتعود جارتكِ اليكى

 

 

 

الآن قد عرفنا كل شئ و اصبح كل شئ مدروس، الاشخاص و المواقف و الحسابات ، و اعطينا انفسنا الوقت الكافى للتفكير فى النتائج و العواقب و المكاسب و الخسائر ، و لم يتبقى امامنا سوى التنفيذ ، و التنفيذ هو المرحلة و الخطوة الأصعب و فى الحقيقة لا استطيع الأنكار انها عملية صعبة و الصعوبة هنا تكون فى مواجهة انسان تعاملت معه سنوات طويلة و لم تعارضه و لو مرة واحدة و لم تقول له كلمة ( لا ) مرة واحدة طوال حياتك و لكن لا يوجد عندك ائ بديل اخر و كما يقولون ستكون المرة الاولى  مثل وخزة الابرة و بعدها ستكون العملية سهلة ، و محور و اساس تعلم قول كلمة ( لا ) و معارضة الاخريين و نقدهم يوجد سرها و مفتاحها السحرى فى العيون  ائ نعم فى نظرة العين ، فلو استطعت ان تنظر الى الشخص  الاخر فى عينه و تثبت عينك فى عينه و انت تتحدث اليه و لا تحول نظرك عن عينه ولا تغلق عينك اثناء حديثك معه ، فلو استطعت فعل ذلك تكون قد حققت الانتصار ، و هذا ليس صعب و خصوصاً أنك على حق ، و ستقول للاخر ( لا ) و تعارضه و تستمر بالنظر فى عينه و كن متأكداً مليون فى المأئة انه سيستسلم و سيرفع الراية البيضاء و سيحول نظره عنك او سيغمض عينيه او سينصرف من امامك ، و هذا لسبب واضح و هو انه على خطأ و لكن من المهم جداً ان تكسب او مواجهة و اول معركة و ان تحشد كل قوتك و شجاعتك الذهنية و النفسية و تجمع كل حجتك و كل شكوتك ضد هذا الانسان و تقذف بها مرة و احدة امام وجهه ، و تنظر بقوة و ثقة شديدة فى عينه و تنتظر الرد او الاستسلام ، و حتى اثناء لحظات الصمت تظل نظرة عينك ثابتة فى عينه ، و تنتظر ما سيأتى به من دفاع او رد ولا ترتعش او تخاف او تتردد من بعض الردود السخيفة و الحجج الحمقاء التى سيأتى بها الاخر ، و تجاهل تماما هذه الردود و هذه المبررات القبيحة و لا تستمع لما يقوله و قاطعه فى الحديث و اعيد عليه نفس كلامك الاول و بدون تغيير و بنفس الاصرار و افرض شروطك ، و قل له :  هذا هو انا و عليك احترام شروطى من الآن و حتى نهاية الدهر و اعذارك و اعتذراتك غير مقبولة ، و فقط ما اريده منك هو ان تلتزم فى معاملتك معى بهذه الشروط الجديدة و عفواً عندى الآن اشياء يجب عليا انجازها ، اعتذر منك و اراك فى موعد اخر انشالله

 

 

من اصعب الاحاسيس و المعاناة التى سنشعر بها بعد مواجهات من هذا النوع هى احاسيس الندم و الشعور بالذنب ناحية الاخر الذى قمنا بعتابه بهذه الطريقة القاسية ، و هذا احساس طبيعى و ليس غريب و لكن علينا ان نتخلص من هذا الشعور ، فنحن لم نرتكب جريمة فى حقه و لم نؤذيه نفسياً ولا جسدياً و لكن على العكس تماماً ، فهو الاخر الذى على مر سنوات طويلة كان يؤذيك نفسيا و ربما جسدياً ايضا ، و فعل ذلك دون ان يشعر بالذنب و كانت علاقتك معه و التى امتدت لسنوات طويلة يدوس عليك مثل الحشرة الصغيرة ، و لم يفكر مرة واحدة من قبل ان يعتذر لك او يحسن معاملته معك و كان يشجيه انينك على رائ كوكب الشرق ، و لماذا الآن تشعر بالذنب لأنك عاتبته بقسوة على افعاله و وضعت له حداً لحماقته و عجرفته معك ، و ليس هذا فقط و لكن انت افضل منه بكثير لأنك فعلت شئ فى مصلحته و قمت بعمل يقوم به المحبين ناحية من يحبونهم ، فأنت قمت بخطوة كبيرة لتقويم و تهذيب هذا الشخص المتمرد الهمجى ، و لذلك لا يجب ابداً ان تشعر بتأنيب الضمير و انما يجب ان تشعر بالفخر و الرضا عن نفسك ، فقد ربحت عصفورين بضربة واحدة ، و العصفور الاول هو حياتك انت و التى اصبحت افضل بعد ان افرغت شحنة الضغط و الكبت و القهر التى كانت بداخلك ، و العصفور الثانى هو الاخر الذى سيفكر الآن فى اعماله السخيفة و سيعرف من الآن و صاعداً قيمة الذبابة التى تدخل اليه من النافذة بعد ان فقد افضل و اعز و اصدق انسان عرفه طوال حياته ، و أما انت فقد ارتفعت قيمتك كثيراً ، و صحيح ان الطلب عليك سيكون اقل و لكنك ستكون مثل السلعة ذات الجودة العالية الباهظة الثمن و التى لا يعرف قيمتها سوى من يقدرها ، و كن متأكد ان لك مشترون ، و لكن لا تتعجل و لا تكرر اخطاءك ولا تحاول مرة اخرى ان تسوق نفسك ، فالسلعة الجيدة لا تحتاج الى تسويق ، السلعة الجيدة تكتسب شهرتها عن طريق سمعتها بين الناس

 

 

 

تحدثنا عن المواجهة مع الاخريين و اهم نقطة فيها هى مواجهة العين فى العين و تحدثنا عن الشعور بالذنب و تأنيب الضمير بعد المواجهة و العتاب ، و لكنى ارغب فى اضافة المزيد عن المواجهة و هذا لعلمى انها صعبة و صعبة جداً و لا اريد و بعد كل هذا التعب و العناء ان يأتى البعض و يقول اننى لم اقدم حلولاً عملية كاملة و وافية و قابلة للتنفيذ و لهذا سأتحدث عن عامل اخر يساعدكم فى عملية المواجهة مع الاخريين و هذا العامل يكون عن طريق طلب المساعدة و المساندة النفسية و المعنوية من الوسائل المتاحة و الممكنة فى المجتمع و البيئة التى نعيش فيها ، و سنبدأ بالوسائل الاقرب و الابسط و ننتهى بالوسائل الاشمل و الاصعب ، و الوسيلة الاسهل هى ان نحاول ان نجد شخصاً او صديق او قريب لنا نثق فيه و نناقش معه ما توصلنا اليه من قرارات و ما سنفعله مع فلان ، و اقصد الشخص الذى سنقوم بمواجهته و عتابه و عندما نتحدث فى الموضوع مع شخص ثالث سنطلب منه التشجيع و المساندة و نشرح فى الحديث معه حجم و كمية المعاناة و الأذى النفسى الذى نتعرض له فى علاقتنا مع فلان ، و نتكلم مع الشخص الثالث كيف سنقوم بعملية العتاب و المواجهة و ماذا سنقول له فى المرة القادمة عندما نلتقى به ، و نبدأ فى التدريب العملى مع الشخص الثالث ، و نذكر بعض الامثلة و على سبيل المثال نقول هكذا : لو طلب منى المرة القادمة نقوداً فلن اعطيه و سأقول له لن اعطيك نقودا بعد الآن و يجب ان تكف عن استغلالى ، و هناك عوامل اخرى مساعدة فى المجتمع و سنجدها فى اشكال مختلفة و على سبيل المثال من خلال اشخاص موثوق بهم فى اماكن العبادة او فى اماكن العمل المدنى و التطوعى ، و ايضا لمن لديه القدرة المادية يستطيع ان يذهب الى العيادات النفسية و المعالجين النفسيين و هناك سيحصل على الدعم و الارشاد الصحيح للمواجهة و العتاب لتعلم قول كلمة ( لا ) للاخريين و خلاصة الكلام انك ستحاول ان تشجع و تقوى عزيمتك و قدرتك النفسية و المعنوية بكافة الطرق حتى تكون جاهز لهذه المعركة و لا تفوت ائ فرصة لتتحدث مع ائ شخص تستطيع الحديث معه فى مشروع مواجهتك ، و يمكنك التحدث مع اخوك و اختك و مع امك و مع ابوك و مع ائ قريب لك و تحدث عن قوانينك الجديدة و شروطك الجديدة و كأنك تتحدث عن دينك الجديد ، و انشر و اخبر كل من تعرفه بكل خطوة جديدة قمت بها مع ائ شخص و حتى يعرف الجميع انك اصبحت شخصا جديداً غير الذى كانوا يعرفونه ، ولا تشعر ابداً بالخجل ولا تهتم بحديث الاخريين ، و تأكد ان اغلبية الناس يغارون منك و يتمنون ان يفعلوا مثلك و لكنهم لا يقدرون و لا توجد لديه الشجاعة و القوة النفسية مثلك

 

 

 

جميل جدا ان نحب الاخريين ، و الانسان لا يستطيع ان يعيش بدون العطاء ، و العطاء و الحب للاخريين هام جدا للتوازن النفسى للنفس البشرية ، و لكن لا يمكننا ابدا ان نحب الاخريين اكثر من انفسنا او نعطى للاخريين اكثر من انفسنا ، و لو فعلنا هذا نكون بهذا نفعل جريمة عظيمة فى حق انفسنا و فى حق من نحبهم و فى حق من نعطيهم اكثر من انفسنا ، و هذا الكلام يحتاج الى توضيح ، عندما نحب الاخر اكثر من نفسنا فنحن لا نعطى الحب هذا بدون مقابل و صحيح اننا نقول او نتخيل او نعتقد اننا نحب الاخر بدون مقابل و لكن هذا ليس صحيح فنحن نعطى الحب حتى نحصل على حب مقابل من الاخر ، و عندما نعطى حب بدون حساب و نعطى حب مبالغ فيه نكون مثل شخص غنى جداً يقوم بدعوة شخص فقير جدا ًعلى الطعام و يقدم له افخر الاطعمة و بعد اسبوع يطلب الشخص الغنى من الشخص الفقير ان يرد له الدعوة و يجهز له وليمة طعام بنفس المستوى فى منزل الفقير و لكن هذا مستحيل ، و انت تفعل مثل الشخص الغنى تعطى حب كثير جداً او عطاء كبير جداً لأشخاص فقراء فى المشاعر و فقراء فى العطاء ولا يمكن ان يردوا لك نفس كمية الحب او نفس كمية العطاء و هذا من ناحية ، و من ناحية اخرى فلم يطلب منك احد ان تحب بهذا القدر الكبير ، و لم يطلب منك احد ان تعطى بهذه الكمية الكبيرة و لا يحق لك ان تطالب بنفس كمية الحب الذى اعطيته  ، ولا يحق لك ان تطالب بنفس كمية العطاء الذى اعطيته ، و اصل الكلام ان من يحب كثير و يعطى كثير ينتظر دائما الكثير من الناس ، و لكن من الافضل و الاحسن ان نحب انفسنا اكثر من الاخريين ولا يعنى هذا ان تكون انانى او تعيش فقط لنفسك و لكن عندما اقول تحب نفسك اقصد بها ان تفكر فى صحتك و فى طعامك و تفكر فى وقتك و فى اوقات فراغك و فى عملك و فى صحتك النفسية ايضاً و تفكر ايضا ً فى الاخريين و لكن ليس على حساب نفسك و ليس على حساب وقتك و اموالك و صحتك الجسدية و النفسية و من يحب نفسه يحب الاخريين ، نعم فحب النفس هو مفتاح الرضا و السعادة ، و عندما تكتمل سعادتك و رضاك عن نفسك تكون قادر على العطاء دون ان تنتظر رد العطاء من الاخريين ، و حب النفس يرفع من قيمتنا امام انفسنا و امام الاخريين ، و حب النفس عمل معدى و مثل الوباء او الفيروس ينتشر بين الناس ، و بدلاً من ان تشترى هدية لصديقك فى عيد ميلاده اذهب و اشترى هدية لنفسك فى عيد ميلادك ، و اخبر الاخريين و اعرض عليهم الهدية التى اشتريتها لنفسك فى عيد ميلادك و سترى انك لن تكون الوحيد بين اصدقائك الذى سيفعل ذلك

 

 

فى العلاقات الصحيحة و الشفافة يجب ان نعطى بحساب و نأخذ بحساب ، و حتى لا نندم و حتى لا نعطى و نعود نندم على اننا قد اعطينا لمن لا يستحقون او نعود و نندم اننا قد اضعنا اموالنا و عمرنا و حبنا فى المكان الخطأ و مع الشخص ألخطأ  ، يجب ان نعطى و نحب بهدوء و بتفكير و ليس على حساب راحتنا و ليس على حساب عمرنا و على حساب مشاعرنا ، و يكون الحب و العطاء بقناعة و رضا ، و لا تعطى من اجل ارضاء الاخريين ، ولا تعطى حتى تكسب صداقة و حب الاخريين ، و يكون حبك و عطائك مثل المثل القائل اعمل الخير و ارميه فى البحر ، و ان لم تستطيع فعل هذا فنصيحتى لك ان لا تعطى من الاساس ، و هذا يكون افضل من ان تعطى و تندم او ان تعطى و تعود تطلب المقابل و لا تجد مقابل فتحزن و تنكسر

 

 

 

تحدثنا عن المواجهة مع الاخريين و تحدثنا عن الشعور بالذنب و تحدثنا عن طلب المساعدة من الاخريين و تحدثنا عن حب النفس و الذات و حب الاخريين و تحدثنا عن العطاء لأنفسنا و للاخريين و الآن اريد الحديث عن حسابات المكسب و الخسارة ، و هى نقطة هامة جداً و تهم كثير من الناس و لا اريد ان اكون قاسيا فى التعبير و اصف بعض هذه الحسابات انها احياناً قد تصل الى مستوى النفاق و احياناً تكون فى نطاق المجاملات الاجتماعية و مرات اخرى تكون فى دائرة نفع و استنفع و غيره من مستويات و دوائر المساومات و الحسابات بين البشر فى علاقاتهم ، و سأطرح بعض الاسئلة فى كلامى عن هذه الحسابات و عن هذه المساومات ، و نتخيل انكى ستخسرين صديقتكِ لو قمتى بمعارضتها بهذا الشكل الصريح و انتى عندك مصلحة او عمل مشترك مع صديقتكِ و هنا تكون عملية الحسابات و لكن ليس هناك ائ مشكلة ان نقوم بعملية حساب دقيقة جداً جداً للمكاسب و الخسائر و يمكن ان نجهز خطة عمل زمنية على مراحل طويلة قد تأخذ  شهور او سنين  و نحاول ان نجد بدائل اخرى للتعويض حتى تستطيعى فى النهاية التخلص من هذه الصديقة اللعينة ، و هناك خسائر من نوع اخر و هى ان تبقى وحيداً و تخسر صديق كان معك سنين طويلة و تعودت عليه و هى خسارة حقيقية بالفعل و انت الآن وحيداً و لكنك لا تستطيع ان تفعل ائ شئ فهذه هى الحياة و هذا هو اختيارك و قدرك و قد اخترت ان تفرض شروطك و اخترت ان لا تكون عبداً لأحد بعد اليوم و عليك الآن ان تبحث لك عن بديل جديد و عليك من الآن تنظيم حياتك و يومك بدون هذا الصديق ، فهو لن يعود بعد اليوم و انت اصبحت الآن انسان غريب عنه ، فهو لا يعرفك و انت لا تعرفه و من الافضل ان تبحث لك عن ارض جديدة لاقدامك و من يدرى ما الذى ينتظرك فى المستقبل و قد عشت عمرك كله تأكل طعاماً عفناً فاسداً و لم يعرف لسانك ابداً مذاق الطعام الشهى الطازج ، و الآن كل ما عليك فعله ان تمد يدك و تأكل من الطعام الفاخر و تستمر و تعود فمك و لسانك و انفك على الرائحة و المذاق العالى الجودة ، و بعدها لن تستطيع ابداً ان تعود و تأكل طعاماً قذراً و لكنك ستطلب دائماً الافضل و الافضل ، و ستندم ندماً عظيماً على كل ثانية من عمرك قضيتها و انت تحتمل و تتحمل حماقات و همجية بنى الانسان ، و الان انفض عن نفسك جلابية الذل و ضع اصبعك فى فمك و تقيأ طعام المهانة ، و اقلع عينيك الجبانة و ضع مكان عينيك عيون صقر شجاع لا ترف ولا ترجف ، و قل ( لا ) لائ شئ لا يعجبك و اعترض على ائ تصرف لا يرضيك و انظر فى عين الاخر و قل له فى عينه انت كاذب و انت تجرحنى و انت تؤذينى و قل له انا لا اريد صداقتك بعد اليوم ، و اثبت و ثبت عينك الجديدة عين الصقر الجاحدة فى عين الاخر و قل له اذهب من هنا ولا تعود تطرق باب منزلى مرة اخرى و تكفى هذه السنين التى جعلتنى فيها عبداً لك ، فلتكون صقر فالصقور تطير عالية فى السماء و لا يقترب منها احد و لكن الكل يحب الصقور و يتمنى ان يراها او يجلس معها ، كن صقراً ، نظرة عينك قوية تحميك و مخالبك حادة تخيف و ترعب الاخريين و تجبرهم على احترامك ، و الآن تستطيع ان تنظر الى الحسابات و الى المكسب و الخسارة بنظرة جديدة ، و هل لازلت تعتقد انك ستخسر ، ابدا لن تخسر ، ستكسب الكثير من الناس حولك عندما تصبح قويا لأن الناس لا تهتم ولا ترى الضعفاء ، و ستكسب الكثير عندما تحب نفسك  لأن الناس لا يهتمون كثيرا بمن يأتى اليهم

 

 

نعود إلى نقطة البداية و نتذكر ان اهم و اكبر المنابع و المصادر و اقربها الينا فى تعلمنا كلمة ( لا ) هم الاطفال ، و الاطفال سنجدهم فى حياتنا فى كل وقت و فى كل مكان و كل ما علينا فعله هو ان نترك الاطفال يتصرفون على طبيعتهم و نقف نتأمل و نشاهد افعالهم و نسمع كلماتهم و نرى ما يقوم به الاطفال من ردود الافعال تجاه الاخريين و نتعلم منهم ، و يمكن ايضاً ان نطرح الاسئلة على الاطفال و نتحدث معهم فى أمور الحياة البسيطة و العامة و على سبيل المثال نسأل الطفل فى حل مشكلة زحام المرور و مثال اخر نسأل الطفل كيف نحل مشكلة صراخ طفل ابن الجيران المستمر ليل نهار و يمكن ان نسأل الطفل ايضا عن وجهة نظره فى الرجل اللطيف صاحب الوجه البشوش الذى يعمل فى محل البقالة ، و هكذا و نسمع ما يقوله الاطفال و نناقش معهم وجهة نظرهم ، و سنرى و نسمع اشياء جديدة و ممتعة لا يمكن ، تخطر على بال اعظم المفكرين و المخترعين ، فمن اكبر عيوبنا نحن الكبار اننا ننظر و نفكر فى المشاكل بشكل معقد و جاد جداً و هذا السبب الذى يمنعنا من ايجاد حلول لمشاكلنا ، و لكن الاطفال يرون المشاكل و الاشياء بشكل بسيط جداّ و يسهل عليهم رؤية زوايا و صور لا نراها نحن الكبار و هذا طبيعى ،  و من الممكن ان تسألى طفلكِ ايضاِ ماذا تريدنى ان افعل مع خالتك عندما تقوم بدفعك او بالصراخ فيك ، و لماذا نبحث عن حلول معقدة  لمشاكلنا مع الاخريين و امامنا منابع طبيعية و اصلية لحل كل المشاكل و هى براءة الاطفال ، جربوا و لن تخسروا شيئاً ، جربوا ان تشاهدوا الدنيا بعيون الاطفال و ان تحكموا على الامور بوجهة نظر الاطفال و تذكروا دائما كيف كانت حياتكم سهلة و جميلة و بسيطة عندما كنتم اطفالاً ، و بهذا الشكل نكتسب خبرة و شجاعة و ثقة و شفافية من اطفالنا و نطلب منهم المساندة و نساندهم

 

 

 

يجب علينا من الآن ان ننظر إلى انفسنا بنظرة جديدة و مختلفة تماماً عن نظرتنا القديمة التى تعودنا عليها طوال حياتنا و حتى لو احتاج الامر ان نقف امام المراية و نفعل مثل نصيحة الفنان عبد المنعم مدبولى فى فيلم مطاردة غرامية عندما كان يقوم بدور الطبيب النفسى و حضر إليه شخص يشكوا من قصر القامة و نصحه الطبيب عبد المنعم مدبولى ان يقف امام المراية عدة مرات يوميا و يقول انا مش قصير قزعة انا طويل و اهبل ، و عملية اقناع النفس بالوضع الجديد ليست فى  الحقيقة مجرد وهم او تخيل و لكنها واقع و حتى لو لم تكون واقع فيجب علينا ان نحولها الى واقع و الى فعل يومى مثل قهوة و شاى الصباح ، حياتنا الجديدة بعد ان نمتلك مصيرنا فى ايدينا و بعد ان نطرد المتطفلين من امام ابواب منازلنا و بعد ان نغلق سماعات التليفون فى وجهه كل من لا يحترمنا و يحترم قوانين حياتنا هذه الحياة الجديدة هى الحياة التى نستحقها ، و هى الحياة التى كان لابد ان نعيشها من السنين الاولى للطفولة و كان لابد ان نتعلم ان نقول كلمة ( لا ) فى كل مراحل التعليم المدرسى و كان يجب ان نقول كلمة ( لا ) لاشياء كثيرة فاتت فى حياتنا و يجب ان تفكرى و تقولى لنفسك إلى متى سأعيش بهذا الشكل المهين و إلى متى سأحتمل هذه المعاملة الحقيرة ، و تقولين لنفسك يكفينى سكوتاً و صمتاً و قد كلفنى الصمت و الكتمان الكثير و الكثير و دفعت من عمرى الايام و الليالى ثمناً غالياً لسكوتى و لضعفى امام الاخريين و تألمت و بكيت و اصابنى المرض و اصابتنى الكأبة و عزلت نفسى و عشت فى دور الضحية المغلوبة على امرها و انتظرت العطف و الشفقة من الاخريين و  لم ينظر الى احد و لم يشعر بوجعى احد ، و على العكس استمر الجميع فى سحقى و طحنى مثل حبة قمح بين حجرين رحاية و إلى متى و ماذا انتظر و من سيساعدنى إذا لم اساعد نفسى و ما الذى ينقصنى حتى انهض و اقف امام المراية و اقول لنفسى : انا احب نفسى ، و انا انسان رائع و قوية ، و استحق معاملة افضل بكثير من المعاملة التى يعاملنى بها الناس الان ، و ليس هذا فقط و لكنك تستحقين افضل معاملة فى العالم و تستحقين ان تصادقى افضل و ارقى انواع البشر على الارض و لن ترضى بعد اليوم الا بالبضاعة ذات الجودة العالية و لن ترضى ان تأتى اليكى صديقتكِ فى وقتها المتبقى بعد قضاء كل حاجتها و بعد ان تنهى كل اعمال منزلها و بعد ان تذهب للنزهة و للتسوق و بعد ان تقوم بزيارة عائلة زوجها و بعد ان تذهب مع اطفالها الى النادى الرياضى و بعد ان تنهى وقتها مع لعبة الكاندى كراش و بعد هذا كله يدق هاتفك الخلوى او الموبيل و تطلب صديقتكِ ان تتحدث معكى و تبدا معكى فى ثرثرة سخيفة لاضاعة بعض الوقت حتى يبدا عندها موعد نشاط اخر ، و من اليوم سنطلب من الناس او بمعنى اصح سنجبر الاخريين ان يعاملونا بنفس الطريقة التى نعاملهم بها و الا يجب فورا قطع هذه العلاقة و بدون اى تردد او تفكير ، فلو كنتى تحترمى خصوصية حياة صديقتكِ و تحترمين قوانين حياتها  الشخصية و صديقتكِ لا تفعل نفس الشئ معكى و لا تحترم خصوصيتكِ و قوانين حياتك الشخصية فيجب عليكى الان التخلص من هذه الصديقة ، و اؤكد لكى مليون فى المائة انكى لن تندمى لأن هذا النوع من البشر لا يفهم و لا يحس و لا يتغير ابداً و ستضيع السنوات الباقية من عمرك مثل السنوات التى ضاعت و لن يعوضك احد و لن يبكى عليكى احد

 

 

الان سنقوم بتلخيص اهم النقاط التى تحدثنا عنها

 

كيف نتعلم ان نقول كلمة ( لا )

 

نكتب فى ورقة و قلم اسم الشخص و المواقف التى يفعلها معنا و المطلوب تغيرها

المواجهة مع الاخريين و اهم نقطة فيها مواجهة العين فى العين

حب النفس و حب الذات اولاً و اكثر من حب الاخريين

الحب و العطاء للاخريين يجب ان يكون بحساب و يكون مدروس

الشعور بالذنب و تأنيب الضمير بعد العتاب و محاسبة الاخريين

حسابات المكسب و الخسارة فى العلاقات مع الاخريين

 

 

كيف نحصل على المساعدة و على المساندة و النصيحة و الارشاد

 

نحصل على المساعدة عن طريق وجهة نظر و اسلوب الاطفال فى تعاملهم مع الاخريين

نحصل على المساعدة عن طريق طلب المساندة من اشخاص مقربين لنا نثق فيهم

نحصل على المساعدة من اشخاص موثوق فيهم فى اماكن العبادة

نحصل على المساعدة من جمعيات حقوق الطفل و المرأة و جمعيات المجتمع المدنى

نحصل على المساعدة عن طريق المعلومات المتوفرة فى الكتب و وسائل الاعلام و الانترنت

نحصل على المساعدة عن طريق العيادات النفسية و المعالجين النفسيين و الاخصائيين الاجتماعين

 

 

انهى كلامى الآن و يسعدنى ان اتلقى اسئلتكم و تعليقاتكم على هذه المقالة و يسعدنى ايضا ان اقدم المشورة و المساعدة و المساندة الشخصية لائ انسان يرغب فى تطبيق هذه الكلام فى حياته و اقدم هذه الخدمة مجاناً و بدون ائ مقابل و عن

طريق البريد الالكترونى و كل ما عليكم فقط هو مراسلتى على عنوان مدونتى و كتابة وسيلة الاتصال بكم و شكرا جزيلا ً لكل من قرأ او من نشر او من ساعد او ساهم فى نشر هذه المقالة مع حفظ الحقوق الكاملة للكاتب المؤلف

 

مدحت ملاك

 

 

 

 

Categories: سياسة | Leave a comment

Post navigation

Leave a comment

Create a free website or blog at WordPress.com.